هالة إعلامية جوفاء
سامي المجبري:
هالة إعلامية جوفاء خالية من المضامين والأهداف الإستراتيجية الطموحة، التي لا تعمل على ترسيخ مبادئ وأسس وقواعد علمية، تهدف لنجاح المؤسسات والقطاعات المختلفة سواء العامة أو الخاصة، تعمل بوتيرة متذبذبة تارة سريعة وتارة أخرى بطيئة، دون وجهة محددة أو أهداف واضحة، أو قواعد وبنية سليمة تنطلق منها.
إن العالم الرأسمالي وحتى الشيوعي، بدأ يدرك أهمية الإعلام منذ قرون، وهناك دول أعدت خطط واستراتيجيات، لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والثقافية وحتى الرياضية والفنية، وبدأت تجني ثمارها، معتمدة في ذلك على تطوير أدواتها وكوادرها ومواردها.
ولكن في العالم العربي بشكل عام والليبي بشكل خاص لازلنا نتخبط ونعمل بهوائية ومزاجية وبمحاباة وبتمجيد، دون أن تكون لنا قاعدة سليمة ننطلق منها لتحقيق رؤية معينة تخدم مصالح الأمة.
وأخيرا، بدأت مؤسسات الدولة وحتى المؤسسات الخاصة تعي أهمية دور الإعلام في تحقيق تطلعاتها ورؤاها، وبدأت تؤسس المراكز الإعلامية والمكاتب الإعلامية التابعة لها، ولكن وللأسف لم تؤسس على أسس علمية أو احترافية صحيحة، قادرة على تحقيق هذه التطلعات أو الرؤى أو الأهداف، بل عاجزة حتى أن تجد موطئ قدم لها في الساحة الإعلامية نظراً لعدم وجود إستراتيجية وخطة مدروسة وأهداف واضحة تجعل من المركز الإعلامي أو المكتب الإعلامي لأي مؤسسة أو قطاع ينجز مهامهُ، ويحقق نجاحات محلية أو خارجية.
كثير منا يعتقد أن الإعلام هو مجرد تصوير المسئولين أو الخروج عبر وسائل الإعلام والإدلاء بتصريحات قد لا ترتقي لمستوى المسئول، أو أن مهمة المكتب الإعلامي أو المركز الإعلامي التابع لأي قطاع أو مؤسسة عامة كانت أو خاصة، مرهون بما يقدمه المسئول أو يقوم بفعله، حتى يعلن عنه للعامة أو لوسائل الإعلام، والحقيقة غير ذلك تماماً.
فدور المكتب الإعلامي أو المركز الإعلامي لأي مؤسسة بغض النظر عن ماهيتها أو طبيعة نشاطها أو تابعيتها للقطاع العام أو الخاص، يتضمن عدة أمور يجب العمل عليها وإعدادها من خلال خطة عمل أو إستراتيجية توضع مسبقاً وبما يتناسب مع طبيعة عمل أي مؤسسة أو قطاع، يخدم تطلعات المؤسسة ورؤيتها وداخل الإطار الخاص للمؤسسة والإطار العام للدولة ولا يتأتى ذلك إلا من خلال خطة واضحة المعالم والرؤى والأهداف ووفق معايير إعلامية معمول بها محلياً ودولياً.
ولكن لابد أن نعي ماهية الإعلام أولا وأهميته بالنسبة لنا ككيانات أو مؤسسات أو قطاعات عامة أو خاصة:
- فالإعلام وسيلة للرقي بالمجتمع وأفراد المجتمع والحكومة.
- الإعلام وسيلة لنشر القيم والمبادئ بما يتماشي مع الدين والمبادئ والقيم الموروث الثقافي لأي مجتمع.
- الإعلام وسيلة للتعبير عن مشكلات المواطن والشرائح البسيطة وطرح لقضايا
وهموم الشعوب.
- الإعلام وسيلة فاعلة ومؤثرة في تنظيم المجتمعات وبنائها وازدهارها وتقدمها.
- الإعلام وسيلة للإعلان عن انجازات ونجاحات المؤسسات والأفراد.
- الإعلام وسيلة لمخاطبة الجمهور وإنشاء جسور تواصل داخلية وخارجية.
وانطلاقاً من هذه المعايير التي تؤسس للعمل الاحترافي لأي مكتب أو مركز إعلامي، يكون قادراً على تحقيق نجاحات محلية وخارجية، وعلى مختلف المناحي، سواء المناحي السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الرياضية أو الفنية أو الاجتماعية، من خلال خطط واستراتيجيات قادرة على تحقيق الرؤى والأهداف المأمول تنفيذها على أرض الواقع.
ولكي تنجح هذه المراكز أو هذه المكاتب الإعلامية بأي قطاع أو مؤسسة لابد أن تتوفر العوامل والأدوات التي تكفل تحقيق هذا النجاح والتي تتلخص فيما يلي : -
- توفر مقر مهيأ لطبيعة عمل المراكز أو المكاتب الإعلامية لقطاع خاص أو عام.
- توفير الأدوات التشغيلية من مكاتب وأجهزة حواسيب واتصالات وأجهزة تصوير
فوتوغرافي ومرئي.
- توفير مواصلات وعهد مالية تصرف لانجاز المهام المتعلقة بالمركز.
- توفير الكادر الوظيفي القادر على العمل وتطويره وتدريبه على طبيعة العمل
الاحترافي الإعلامي.
- إنشاء جسور تواصل مع المؤسسات الإعلامية والمؤسسات ذات الطبيعة
المشتركة من حيث طبيعة التعاون بين المؤسسة التابع لها المركز الإعلامي
والمؤسسات الأخرى.
- وضع آلية لطبيعة عمل المركز وعدم الخروج عن الخطوط الأساسية لطبيعة
عمل المؤسسة ككل.
- وضع الخطط والبرامج والاستراتيجيات التي تكفل تحقيق أهداف المؤسسة.
ولابد أن نقول أن هناك مؤسسات ليست بحاجة لمثل هذه المراكز أو حتى مجرد مكاتب إعلامية نظراً لعدم وجود أهمية لذلك، ولكن هناك مؤسسات وقطاعات وشركات، لابد أن تعمل على إنشاء مثل هذه المراكز أو المكاتب، ولابد أن تعي أهميتها وأن تعمل على تطوير أدائها، حتى تتمكن من تحقيق أهدافها وتحقيق نجاحات، سواء معنوية أو مادية.
فمن المعيب أن نرى بعض هذه القطاعات أو المؤسسات أو الشركات أنها لا ترى بوضوح الأهمية القصوى والملحة لمثل هذه المكاتب الإعلامية بها، وللأسف أن جل القطاعات الحكومية والمؤسسات العامة أو الخاصة والشركات العامة والتجارية لا تدرك أهمية مثل هذه المكاتب، بل بعضهم يعتقد بأن عملها ثانوي ولا أهمية له بل ربما مهمة مثل هذه المكاتب تنحصر في زيارات المسئولين والقائمين عليها، دون الإشارة إلى الانجازات التي تحققت من وراء هذه الزيارات والجولات، بل أحياناً يقفون موقف المدافع عن هؤلاء المسئولين، ضد إي هجمة من أي جهة.
____________________________________
*كاتب صحافي ليبي